تأثير الظروف البيئية والثقافية على العلاقة بين المعلم والطالب فى المرحلة الإعدادية

مقدمة

غالبا ً ما تکون نتائج العلاقة بین المعلم والمتعلم مؤشّرًا هامًا یعطی صورة سلبیة أو إیجابیة عن طبیعة ظروف بیئة المتعلم , والظروف الثقافیة للمتعلم والتی تؤثر فی العلاقة بینه وبین المعلم بشکل مباشر .

إن تفحص هذه العلاقة بنظرة تحلیلیة وما یرتبط بها من عوامل عدیدة تؤثر فیها وترتبط بها لها أهمیة القصوى, وذلک لأن معرفة هذه الظروف وآثارها على العلاقة بینهما  یکشف ما یعوق تلک العملیة وبالتالی دراسة الطرائق والأسالیب المناسبة لتفادی هذه المعوقات والوصول بالعلاقة بین المعلم والمتعلم إلى أقصى حد ممکن من التمیز والتکامل حیث إن أی إصلاح تربوی یجب أن یبدأ بمحاولة رصد الواقع بانجازاته ونواحی قصوره وذلک لمواکبة تغیرات العصر الذى نعیشه.

إشکالیة الدراسة :

إن  العلاقة بین المعلم والمتعلم بحدّ ذاتها قضیة تحتاج منّا للوقوف علیها من زوایا عدّة وذلک لکونها ذات أبعاد مهمة تعطینا مؤشرات واضحة على مستقبل المتعلمین، ولقد زاد فی الوقت الحاضر الاهتمام بالدراسات والبحوث التی تناولت تأثیر الظروف البیئیة والثقافیة وغیرها فی العلاقة بین المعلم والمتعلم لکونهما أساس العملیة التعلیمیة فبدأ الباحثون التربویون والنفسیون وعلماء الاجتماع بالبحث فی الخلفیة البیئیة والثقافیة للمتعلمین والمعلمین، لمعالجة المشکلات التی تنجم عنها ومحاولة تجاوزها ، والتکیف مع الظروف التی تطرأ على العملیة التربویة لرفع مستوى تمیز هذه العلاقة بین المتعلمین والمعلمین لتأثیرها المباشر على العملیة التعلیمیة. وتعتبر الظروف البیئیة والثقافیة جانباً من جوانب کثیرة یظهر فیها الأثر المباشر للعلاقة سلبا أو إیجابا بین المعلم والمتعلم.

أهداف الدراسة:

• الکشف عن العلاقة بین المعلم والمتعلم فى الوقت الراهن .
• تحدید الظروف البیئیة التی تؤثر على العلاقة بین المعلم والمتعلم .
• معرفة الظروف الثقافیة المؤثرة على العلاقة بین المعلم والمتعلم .
• الوقوف على التأثیرات الناتجة عن کل من الظروف البیئیة والثقافیة بالنسبة للعلاقة بین المعلم والمتعلم .
• التوصل إلى أهم آلیات تحسین العلاقة بین المعلم والمتعلم .

أهمیة الدراسة :

تأتى أهمیة الدراسة الراهنة کونها من الدراسات التى تهتم بموضوع العلاقة بین المعلم والمتعلم وما یمثله من أهمیة فى الوصول بالعلاقة بینهما إلى مستوى یحقق نجاح العملیة التعلیمیة ، کما تساهم فى توفیر معلومات عن الظروف البیئیة والثقافیة المؤثرة فى العلاقة بین المعلم والمتعلم .

مفاهیم الدراسة:

     تتضمن الدراسة عددًا من المفاهیم االإجرائیة وهی:

الظروف البیئیة هى مجموعة العوامل البیئیة والتى تشمل البیئة المدرسیة بمکوناتها المادیة والبشریة والتى تؤثر على العلاقة بین کل من الطالب والمعلم .

الظروف الثقافیة هى مجموعة القیم والمعارف والمعتقدات التى یحملها کل من الطالب والمعلم  والتى تؤثر على العلاقة بینهما.

المعلم : وهو القائم بعملیة التدریس للطلاب فى الفصول الدراسیة النظامیة .

المتعلم : وهو الطالب المتلقى للمادة التعلیمیة التى یقدمها المعلم

العلاقة بین المعلم والطالب بأنها أنماط التفاعل بین کل من المعلم والطالب والتى تتأثر بالظروف البیئیة والثقافیة.

الدراسات السابقة :

الدراسات العربیة :

دراسة محمد فتحى خلیل : بعض أبعاد الشخصیة المرتبطة بعنف التلامیذ نحو معلمیهم لدى عینة من تلامیذ المرحلة الابتدائیة ، 2015^[i] ، هدفت الدراسة إلى دراسة العلاقة بین بعض أبعاد الشخصیة (الانبساط، والعصابیة) وعلاقتها بعنف التلامیذ نحو المعلم ، وأوضحت الدراسة أن أبعاد الشخصیة (کمتغیر مستقل) تُسهم فی التنبؤ بالعنف الموجه نحو المعلم لدى عینة الدراسة .

دراسة أحمد عاطف عزازى : دراسة سیکولوجیة عن مدى انتشار ظاهرة العنف المتبادل بین المعلم والتلمیذ وعلاقته بتراجع القیم الاخلاقیة بینهم، 2012^[ii] هدفت الدراسة إلى الکشف عن مدى انتشار ظاهرة العنف المتبادل بین المعلم والتلمیذ وعلاقته بتراجع القیم الاخلاقیة بینهم .وتوصلت الدراسة إلى وجود فروق دالة إحصائیًا بین کل من المعلمین والتلامیبذ فى رؤیتهم لانتشار العنف المتبادل . ووجود علاقة ارتباطیة بین العنف المتبادل وتراجع القیم الأخلاقیة . 

دراسة سهیل دیاب: المدرس الذی نرید – مکانته وأدواره : 2005 ^[iii]

هدفت الدراسة التعرف إلى مکانة المدرس والعوامل التی تؤثر على مکانتـه سـلباً وإیجاباً وترتیبها بحسب أثرها ، وأظهرت الدراسة ضرورة إطـلاع المعلمـین على الأدوار المتوقعة منهم، وضرورة توعیة أفراد المجتمع وتحسین نظرتهم تجاه مـن یعمـل بهذه المهنة والعمل على تحسین ظروفه وتعزیز مکانته.

دراسة عبد الرحمن یحیى حیدر :دور المعلم فى تنمیة القیم الخلقیة لدى طلاب المرحلة الثانویة ، 1427هـ^[iv] ، هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على مدى قیام معلم المرحلـة الثانویـة بمدینة الریاض بدوره فی تنمیة القیم الخلقیة لدى طلابه وذلک من وجهة نظـر المعلمین ومدیری المدارس الثانویة ، وإلى التعرف على معوقات قیـام المعلـم بذلک الدور وأظهرت الدراسة أن أفراد عینة الدراسـة مـن المعلمین یرون أن المعلمین یؤدون دورهم فی تنمیة القیم الخلقیة لدى طلابهم بشکل کاف .

الدراسات الأجنبیة :

دراسة     Amrén, Therés المعلم والسلطة المدرسیة^[v]

هدفت الدراسة إلى الکشف عن نظرة الطلاب إلى السلطة المدرسیة المتمثلة فى المعلم وعرض تجاربهم وتأملاتهم حول ممارسات المعلم داخل الفصل الدراسى. وتم الحصول على البیانات من خلال مدرستین وأربعة فصول دراسیة فی الصف الثانی.وأظهرت النتائج أن الأسئلة المغلقة ، والتدقیق فى ضرورة جلوس الطالب ورفع یده للإجابة على أسئلة المعلم لا تخلق فرصًا کافیة للطلاب للتعبیر عن أنفسهم وتؤدى إلى فتور العلاقة بین المعلم وطلابه.

دراسة Bergström, Peter^[vi]

هدفت الدراسة  إلى تطویر فهم أفضل للعلاقة بین المعلم والطالب من خلال أسئلة بحثیة تتناول دور الطالب والعملیة التعلیمیة وعملیة التقییم. و تم جمع البیانات من خلال المقابلات المتعمقة واستبیان الطالب. وأوضحت الدراسة أن المبادئ التی تقوم علیها السلطة والسیطرة مفیدة لفهم العلاقات الاجتماعیة فی العلاقة بین المعلم والطالب فی هذا السیاق. وتشیر النتائج إلى صراع بین المناهج التی ترکز على الطالب والمعتقدات التقلیدیة فی العلاقة بین المعلم والطالب

دراسة بندکت (Benedict, 1982) بعنوان : "العلاقة المبسطة بین المعلم والطالب، ونتائج تربویة مختارة^[vii]

   هدفت الدراسة إلى التعرف إلى الوسائل التی یستخدمها المعلمون لتقویة علاقاتهم بطلبتهم. والتعرف إلى الوسائل التی یستخدمها المعلمون لتحسین المستوى التحصیلی.وتوصلت الدراسة إلى أن من الوسائل التی تقوی العلاقات بین المعلمین والطلبة : (العطف – النظرة الإیجابیـة مـن المعلم – التشجیع).

الإطار النظرى للدراسة :

     اعتمدت الدراسة على النظریة التفاعلیة الرمزیة , والنظریة السلوکیة ، حیث یمثل منظور التفاعلیة الرمزیة محاولة نظریة ومنهجیة تنهض علی أسس فلسفیة وسیکولوجیة, وتتطلع نحو تحقیق فهم أکثر عمقًا وأکثر ثراءً للسلوک الإنسانی, والعلاقات الاجتماعیة^[viii] ، کما أن السلوکیة تؤمن بالفروق الفردیة وترفض مبدأ تعمیم الاحکام وان السلوک الانسانی محصلة لتفاعل الفرد مع البیئة المحیطة به ومن خلالها ظهر مصطلح السلوک التنظیمی الذی یعنى بسلوک الافراد والجماعات والمنظمات.^[ix]

منهج الدراسة وأدواتها

استخدمت الدراسة کلاً من المنهج الوصفى ومنهج دراسة الحالة ، کما اعتمدت على الاستبیان والمقابلة المتعمقة کأداتیین لجمع البیانات من مجتمع البحث.

مجالات الدراسة :

المجال المکانى : إدارة شرق التعلیمیة-محافظة الإسکندریة

المجال البشرى : عینة قوامها 200 مفردة من طلاب المرحلة الإعدادیة بإدارة شرق التعلیمیة محافظة الإسکندریة

المجال الزمنى : حیث بدأت الدراسة فى شهر أکتوبر 2016 وانتهت فى شهر مایو 2017 .

نتائج وتوصیات الدراسة

کشفت التحلیلات عن أن نسبة 60% من عینة الدراسة ترى أن المعلمین لا یمثلون مکانة سامیة ومرتفعة فى المجتمع ، وبالتالى لا یؤخذ برأیهم فى کثیر من أمور الحیاة وهو ما أشارت إلیه 53% من عینة الدراسة ، وقد أوضحت التحلیلات أن الدروس الخصوصیة هى السبب الرئیسى فى إضعاف صورة المعلم فى الوعى الطلابى ولدى أولیاء الأمور أنفسهم ، حیث تحول المعلم إلى وسیلة للاستیلاء على أموال الأسر ، وهو ما جعل نظرة المجتمع للمعلم تتغیر عما کانت قدیمًا ، کما أن سبب إضعاف مکانة المعلم ترجع إلى وسائل الإعلام التى تظهر المعلم بصورة سالبة وهو ما أشارت إلیه نسبة 60% من عینة الدراسة .

أوضحت غالبیة عینة الدراسة والتى بلغت 70% أن العلاقة القائمة بین المعلم والطلاب هى علاقة جیدة ، بینما أوضحت نسبة 20% من العینة أن العلاقة غیر مستقرة ، فى حین ترى نسبة 10% أن العلاقة بین المعلم والطالب هى علاقة سیئة . وهو ما یشیر إلى شکل العلاقة بین المعلم والطالب وأن هذه العلاقة بالرغم من أنها جیدة إلا أنه تشوبها عدم الاستقرار فى أحیان کثیرة کما أنها قد تکون سیئة ، مما یدل على أن هناک ظروف بیئیة وثقافیة تؤثر فى العلاقة بین طرفى العملیة التعلیمیة .

توصلت التحلیلات إلى أن 50% من عینة الدراسة ترى أن الألفاظ التى یستخدمها المعلم فى الفصل ألفاظ فیها سخریة واستهزاء ، بینما ترى نسبة 30% أنها ألفاظ تنم عن الاحترام ، فى حین ترى النسبة الباقیة والتى بلغت 20% أن هذه الألفاظ فیها سباب وشتائم ، وهو ما یشیر إلى تباین آراء الطلاب بشأن التفاعل اللفظى بین المعلمین والطلاب ، وأن غالبیة هذا التفاعل اللفظى هو تفاعل سلبى من قبل المعلمین حیث یتراوح فى الغالب بین السخریة والاستهزاء والسباب والشتائم من قبل بعض المعلمین ، وربما یرجع ذلک إلى الضغوط الکبیرة التى یواجهها المعلم أثناء الیوم الدراسى وخاصة مع وجود أعداد کبیرة فى الفصل الدراسى مما یصعب على المعلم التواصل اللفظى الإیجابى فى أحیان کثیرة .

وقد أشارت التحلیلات إلى وجود بعض الظروف البیئیة المؤثرة على العلاقة بین المعلم والطلاب والتى تتمثل فى تکدس وازدحام الفصول وهو ما أشارت إلیه غالبیة عینة الدراسة ، حیث أشارت الغالبیة العظمى من عینة الدراسة والتى بلغت 80% إلى أن أعداد الطلاب کبیرة ، بینما ترى نسبة 20% إلى أن أعداد الطلاب فى الفصل لیست کبیرة ، وهو ما یشیر إلى الأبعاد البیئیة التى تتدخل فى العلاقة بین کل من المعلم والطالب . ویضح ذلک من خلال الجدول التالى :

جدول رقم (1) یوضح آراء عینة الدراسة حول أعداد الطلاب فى الفصل

أظهرت الغالبیة العظمى لعینة الدراسة والتى بلغت 98% أن المدرسة لا یوجد بها فناء لممارسة الألعاب الریاضیة والترویح عن النفس ، بینما ترى النسبة الباقیة والتى بلغت 2% أن المدرسة بها فناء لممارسة الألعاب والأنشطة ، ولا شک أن ضیق الفناء وعدم استطاعة الطلاب ممارسة الألعاب والأنشطة یساهم بدرجة کبیرة فى زیادة العنف أثناء الیوم الدراسى حیث لا یستطیع الطلاب فى هذه المرحلة الحرجة وهى مرحلة المراهقة التنفیس عن طاقاتهم الکبیرة مما یجعلهم یخرجونها تجاه السلطة المدرسیة المتمثلة فى المعلم .  

أوضحت التحلیلات أن الحالة الاقتصادیة للمعلم تلعب دورًا بارزًا فى شکل ونمط العلاقة بین المعلم والطلاب ، حیث ترى الغالبیة العظمى من عینة الدراسة أن المعلم یلبس ملابس رخیصة الثمن وهو ما أشارت إلیه نسبة 80% من العینة ، وهو ما یدل على سوء الحالة الاقتصادیة لکثیر من المعلمین بالرغم من رؤیة کثیر من أفراد المجتمع للمعلم بأنه یأخذ ویستولى على أموال الأسر عن طریق الدروس الخصوصیة ، وهو ما یشیر إلى الأزمة التى یعانى منها الکثیر من المعلمین ، حیث إن إعطاء الدروس الخصوصیة لیس بالمستوى الشائع عن المعلم ، کما أنه لیس کل المعلمین یثرون من جراء إعطاء الدروس الخصوصیة ، وبالرغم من ذلک فإن مکانة المعلم مهتزة فى المجتمع وهو ما یلقى عبئًا کبیرًا على المعلم .

أوضحت التحلیلات أن ضیق مساحة الفصل وعدم وجود مقاعد کافیة للطلاب تسهم فى زیادة المشکلات بین الطلاب وهو ما أوضحته نسبة 60% من عینة الدراسة ، بینما ترى النسبة الباقیة والتى بلغت 40% عدم وجود مشکلات بین الطلاب ناجمة عن ضیق الفصل وعدم وجود مقاعد کافیة ، ولا شک أن وجود مشکلات بین الطلاب على المقاعد وضیق مساحة الفصل تجعل المعلم متوترًا لرغبته فى ضبط الفصل من ناحیة وشرحه للدروس من ناحیة أخرى والتى تتسبب کثرة المشکلات بین الطلاب فى التأثیر علیها وهو ما یجعل العلاقة بین المعلم والطلاب تتم فى جو غیر صحى مشحون بالتوترات والقلق وتؤدى إلى مشکلات بین المعلمین وطلابهم .

کشفت التحلیلات عن تأثیر البیئة المحیطة فى العلاقة بین الطالب والمعلم حیث أشارت نسبة 81,5% من عینة الدراسة أن هناک ضوضاء کثیرة فى البیئة المحیطة بالمدرسة ، بینما ترى نسبة 18,5% أن البیئة المحیطة بالمدرسة لا تأتى منها أصوات وضوضاء وبالتالى لیس هناک تأثیر على العلاقة بین المعلم والطالب ، وتشیر هذه التحلیلات إلى تأثیر البیئة المحیطة على شکل العلاقة فلا شک أن الضوضاء الآتیة من الخارج تسهم إلى حد کبیر على الجو النفسى لکل من المعلم والطالب حیث تحتاج العملیة التعلیمیة إلى الهدوء والسکینة .                                                                                                                                                                                                                       

التوصیات

-           تقلیل نسبة الکثافة فى الفصول ، حتى یستطیع المعلم والطالب التفاعل الإیجابى مع الآخر

-           التوسع فى إنشاء المدارس المجهزة للعملیة التعلیمیة

-     رفع رواتب المعلمین وتحسین دخلهم الاقتصادى تمهیدًا لإلغاء الدروس الخصوصیة التى تساهم بشکل کبیر فى سوء العملیة التعلیمیة

-           تناول المعلم بطریقة محترمة وإیجابیة فى وسائل الإعلام وعدم السخریة من المعلمین فى هذه الوسائل .

-          بث القیم الإیمانیة ونشرها فى المدارس وفى جمیع المؤسسات الثقافیة والإعلامیة