الحفناوي, ., السيسي, ., سلمان, . (2015). السلوک العدوانى لدى طلبة المرحلة الثانوية والعوامل المؤثرة فية. Journal of Environmental Studies and Researches, 3((2)), 107-114. doi: 10.21608/jesr.2015.78997
نبيل نصر الحفناوي; جمال احمد السيسي; فاطمة سلمان قطب سلمان. "السلوک العدوانى لدى طلبة المرحلة الثانوية والعوامل المؤثرة فية". Journal of Environmental Studies and Researches, 3, (2), 2015, 107-114. doi: 10.21608/jesr.2015.78997
الحفناوي, ., السيسي, ., سلمان, . (2015). 'السلوک العدوانى لدى طلبة المرحلة الثانوية والعوامل المؤثرة فية', Journal of Environmental Studies and Researches, 3((2)), pp. 107-114. doi: 10.21608/jesr.2015.78997
الحفناوي, ., السيسي, ., سلمان, . السلوک العدوانى لدى طلبة المرحلة الثانوية والعوامل المؤثرة فية. Journal of Environmental Studies and Researches, 2015; 3((2)): 107-114. doi: 10.21608/jesr.2015.78997
السلوک العدوانى لدى طلبة المرحلة الثانوية والعوامل المؤثرة فية
1معهد الدراسات والبحوث البيئية جامعه مدينة السادات
2کلية التربية جامعة مدينة السادات
Abstract
تهدف الدراسة إلى معرفة العوامل البيئية والإجتماعية المؤثرة فى السلوک العدوانى لطلاب المرحلة الثانوية , وقد تکونت عينة الدراسة من (1758) طالب وطالبة من طلاب الصف الأول الثانوي العام والفني بمحافظة الجيزة, منهم (919) من الذکور و(849) من الإناث .
وقد استخدمت الباحثةُ في هذه الدراسة المنهجَ الوصفي لملائمته لأهداف الدراسة , ومن ثم تم إعداد استبانة لتحديد العلاقة بين العوامل البيئية والسلوک العدواني لدى طلاب المرحلة الثانوية ، وقد توصلت النتائج إلى :
- وجود علاقة بين العوامل البيئية والإجتماعية والسلوک العدواني لدى طلاب الصف الأول الثانوي في أغلب المحاور ضعيفة لکنها جاءت متوسطة بالنسبة للمحاور البيئية.
- وجود فروق دالة إحصائيا وفقا لمتغير الجنس- بين أفراد العينة حول علاقة العوامل البيئية والإجتماعية بالسلوک العدواني لدى طلاب الصف الأول الثانوي وذلک لصالح الذکور على مستوى المقياس ککل.
Full Text
المقدمة :
تعتبر مجتمعاتنا الشرقیة من المجتمعات العریقة التی یحکم سلوک أفرادها مجموعة من المعاییر الاجتماعیة المحافظة, والقیم الدینیة العظیمة, وعادات وتقالید موروثة وأخرى مستحدثة ، إلا أنه فی الآونة الأخیرة ظهرت مجموعة من الظواهر السلوکیة الحدیثة على مجتمعاتنا, أو أصبحت أکثر شیوعا وبصورة أکثر ضراوة, ومن هذه الظواهر السلوکیة کان للسلوک العدوانی حظا وافرا فی إحداث الکثیر من الاضطرابات الاجتماعیة حیث أضحی من أخطر مشکلات مجتمعاتنا المعاصرة لما لها من اثار تدمیریه وتخریبیه تنعکس على الأشخاص الاخریین والممتلکات والمؤسسات وسائر فئات المجتمع ، فبتنا نسمع کل یوم العجب من قصص الطلاب وتصرفاتهم فی مراحل التعلیم المختلفة وخاصة مرحلة التعلیم الثانوی.
ولهذا وجب علینا أن نضع هذه الظاهرة السلوکیة المضطربة تحت المجهر محاولین تفسیرها ومعرفة العوامل المؤثرة فیها ، حیث أن میل الطالب للسلوک العدوانى هو نتیجة لعوامل بیئیة وإجتماعیة و إقتصادیة مختلفة ، وهذا ما تناولته مواضیع بحثیة فی نفس السیاق کدراسة على الخالدی (2011), والتی توصلت إلى وجود علاقة طردیة بین المتغیرات البیئیة والاجتماعیة والسلوک الإنحرافی لدى الشباب, وکذلک دراسة تامر إسماعیل (2012) والتی هدفت لدراسة العوامل البیئیة والاجتماعیة التی تقف وراء السلوک العدوانی والعنف لدى تلامیذ المرحلة الإعدادیة وقد توصلت إلى أن المعاملة الوالدیة والمشکلات الأسریة والتنشئة الاجتماعیة ومجموعة الأصدقاء والألعاب التنافسیة والحماسیة والبیئة المدرسیة من أهم العوامل البیئیة والاجتماعیة المؤدیة للسلوک العدوانی..
وکما أن للسلوک العدوانی مظاهر وأشکال عدیدة کالضرب والدفع وتوجیه الشتائم والسباب فله أسباب وعوامل عدیدة منها ما یرجع لظروف البیئة الاجتماعیة کالتنشئة الاجتماعیة والعلاقات الأسریة والعلاقات الاجتماعیة مع الأقران ومنها ما یرجع لعوامل بیئیة واقتصادیة وسیاسیة وغیرها ،
ومن هنا یمکن تحدید مشکلة البحث فی عدة تساؤلات هی:
1- ما مفهوم السلوک العدوانى ومظاهرة وتقسیماته ؟
2- ما أهم النظریات المفسرة للسلوک العدوانى ؟
3- ما العوامل البیئیة والإجتماعیة المؤثرة فى السلوک العدونى لدى طلاب المرحلة الثانویة ؟
أهداف البحث :
تهدف الدراسة الراهنة إلى :
- التعرف على أهم مظاهر السلوک العدوانی لدى طلاب المرحلة الثانویة.
- التعرف على أهم العوامل البیئیة والإجتماعیة المحیطة بطلاب المرحلة الثانوی.
- الکشف عن تأثیر العوامل البیئیة والإجتماعیة على سلوک الطلاب الذین یعیشون فی ظل تلک العوامل .
أهمیه الدراسة :
تتجلی أهمیه هذا الدراسة فی أهمیته العملیة والنظریة والتی تکمن فیما یلی ::
الأهمیة النظریة للدراسة :
- سوف تتوصل الدراسة إلى تأصیل نظری لمفهوم السلوک العدوانی, ودوافعه وعواملة, وأبعاد المشکلات البیئیة وعلاقتها بالسلوک العدوانی لدى أطفال المرحلة الثانویة
- أنها تتناول ظاهرة لایزال الجدل حولها قائما, تعمل على إحداث الربط العلمی بین الدراسات النفسیة والدراسات البیئیة من خلال الکشف عن نوع العلاقة التی تربط السلوک العدوانی لدى طلاب المرحلة الثانویة بالعوامل البیئة التی یعیشون فیها
الأهمیة العملیة للدراسة :
- توفیر المزید من المعلومات حول ظاهرة السلوک العدوانی وخصوصا لدى أطفال المرحلة الثانویة حیث تسعی لکشف المزید من الأسباب الکامنة وراء هذه الظاهرة لتحقیق مزید من الوعی فی التعامل معها من قبل المسئولین فی التربیة والتعلیم .
- کما أسفرت الدراسة عن نتائج یمکن أن توظف فی میدان علم النفس البیئی من قبل المتخصصین لوضع برامج إرشادیة للتخفیف من السلوک العدوانی الشائع لدى طلبة المرحلة الثانویة بما یکفل لهم النمو السوی .
منهج الدراسة وأداتها :
استخدمت الباحثةُ فی هذه الدراسة المنهجَ الوصفی الذی یعتمد على دراسة ظاهرة السلوک العدوانی لدى أطفال المرحلة الثانویة کما توجد فی الواقع ووصفها وصفاً دقیقاً وتفسیر أسبابها ودوافعها وتحدید مظاهر وأشکال السلوک العدوانی، وجمع المعلومات والبیانات وتنظیمها بحیث یؤدی ذلک إلى فهم العلاقة بین هذه الظاهرة والمشکلات البیئیة المحیطة التی تم رصدها, ومن ثم إعداد استبانة للکشف عن علاقة المشکلات البیئیة بالسلوک العدوانی لدى طلاب المرحلة الثانویة ؛ للوصول إلى استنتاجات وتعمیمات تساعدنا فی فهم الواقع ومعالجته.
عینة الدراسة :
تکونت عینة الدراسة من (1758) طالب وطالبة من طلاب الصف الأول الثانوی العام والفنی بمحافظة الجیزة, منهم (919) من الذکور و(849) من الإناث, و(1198) من الثانوی العام و(560) طالب ثانوی فنى, منهم (408) طالب یسکنون الریف, و(1350) یسکنون الحضر, وقد تم اختیارهم بطریقة عشوائیة من مدارس التعلیم الثانوی والفنی بقری ومدن محافظة الجیزة .
وسوف یدور البحث حول ثلاث محاور هى :
المحور الأول : مفهوم السلوک العدوانى وأهم مظاهرة وأشکالة .
المحور الثالث : أهم العوامل البیئیة والإجتماعیة المؤثرة فى السلوک العدوانى لدى طلاب المرحلة الثانویة .
المحور الأول : مفهوم السلوک العدوانى وأهم مظاهرة وأشکالة
مفهوم السلوک العدوانى ::
أولا :
السلوک العدوانی یعتبر من الموضوعات البحثیة الهامه للفرد والمجتمع حیث أن تبعاته تلقی بظلالها التدمیریة على حیاة المجتمع ومؤسساته العامة والخاصة کما أن العدوان قد یکون موجها من الفرد ضد نفسة, وفیما یلی نعرض لمفهوم السلوک, ومفهوم العدوان توطئة لتعریف السلوک العدوانی.
فکلمة سلوک
بمعناها العام تتضمن کل ما یقوم به الکائن الحی من أعمال ونشاطات تکون صادرة عن بواعث أو دوافع داخلیة أو خارجیة وهکذا یشمل السلوک ناحیة موضوعیة وأخرى باطنیة ذاتیة (تهانی الصالح, 2012، 16) والسلوک لیس شیئاً ثابتاً ولکنه یتغیر وهو لا یحدث فی الفراغ وإنما فی بیئة ما، وقد یحدث بصورة لاإرادیة وعلی نحو إلى مثل التنفس أو الکحة أو یحدث بصورة إرادیة وعندها یکون بشکل مقصود وواعی وهذا السلوک یمکن تعلمه ویتأثر بعوامل البیئة والمحیط الذی یعیش فیه الفرد, وهذا النوع الأخیر هو محل الدراسة الراهنة.
ویعرف البرت باندورا (Bandura):العدوان aggression على أنه سلوک یهدف إلى إحداث نتائج تخریبیة أو مکروهة أو إلى السیطرة من خلال القوة الجسدیة أو اللفظیة على الآخرین، وهذا السلوک یعرف اجتماعیاً على أنه عدوانی (Bandura, 1973,22).
السلوک العدوانی Aggressive behavior:
ومن التعریفات السابقة یتضح أن السلوک العدوانی ما هو إلا مظهر سلوکی للتنفیس الانفعالی أو الإسقاط لما یعانیه الطالب من أزمات انفعالیة حادة حیث یمیل بعض الطلاب إلى سلوک تخریبی أو عدوانی نحو الآخرین سواء فی أشخاصهم أو أمتعتهم فی المنزل أو فی المدرسة أو فی المجتمع.
کما أن السلوک العدوانی سلوک ینطوی على شئ من القصد والنیة یأتی به الفرد فی مواقف الإحباط التی یعاق فیها إشباع دوافعه، أو تحقیق رغباته، فتنتابه حالة من الغضب وعدم الاتزان تجعله یأتی من السلوک ما یسبب أذى له أو للآخرین، والهدف من ذلک السلوک تخفیف الألم الناتج عن الشعور بالإحباط والإسهام فی إشباع الدافع المحبط (أحمد دحلان, 2003، 14)
" وعلی هذا یمکننا وضع مفهوم شامل وواسع للسلوک العدوانی Aggressive behavior على أنه أی فعل عدوانی أو سلوک إیذائی مقصود یصدر تجاه الأخرین سواء کان مباشرا أو غیر مباشرا, جسدیا أو لفظیا أو معنویا بالکید والتشهیر والسخریة وغیر ذلک, وینتج عنه أذى للنفس أو للأخرین أو للممتلکات العامة والخاصة لأسباب داخلیة فطریة أو بدافع الغضب والاحباط أو بغرض التنفیس عما یعانیه الفرد من مشکلات فی حیاته.
ثانیا: مظاهر وأشکال السلوک العدوانی:
تتعدد صور ومظاهر السلوک العدوانی لدى الطلاب باختلاف الموقف الذی یصدر فیه هذا السلوک وباختلاف شخصیة الفرد الذی یقوم به وکذلک باختلاف دوافعه التی دفعته للقیام بهذا السلوک, وفیما یلی نعرض لأهم مظاهر وأشکال السلوک العدوانی لدى الأطفال, فیما یلی: (جنار عبد القادر,2012, 23-24)
1- عدوان لفظی: عندما یبدأ الطفل الکلام، فقد یظهر نزوعه نحو العنف بصورة الصیاح أو القول والکلام، أو یرتبط السلوک العنیف مع القول البذیء الذی غالباً ما یشمل السباب أو الشتائم واستخدام کلمات أو جمل التهدید.
2- عدوان تعبیری إشاری: یستخدم بعض الأطفال الإشارات مثل إخراج اللسان، أو حرکة قبضة الید على الید الأخرى المنبسطة، وربما استخدام البصاق وغیر ذلک.
3- عدوان جسدی:یستفید بعض الأطفال من قوة أجسامهم وضخامتها فی إلقاء أنفسهم أو صدم أنفسهم ببعض الأطفال ویستخدم البعض یدیه کأدوات فاعلة فی السلوک العدوانی .
4- المضایقة: واحدة من صور العدوان التی تؤدی فی الغالب إلى شجار وتکون أحیاناً عن طریق السخریة والتقلیل من الشأن.
5- البلطجة والتنمر: ویکون الطفل المهاجم لدیه تلذذ بمشاهدة معاناة الضحیة، وقد یسبب للضحیة بعض الآلام، منها الجسمیة، ومنها شد الشعر أو الأذى أو الملابس أو القرص .
کذلک فإن هناک من یری أن أشکال السلوک العدوانی تختلف حسب الوجهة التی یوجه لها العدوان أو الاستقبال فهناک: (رأفت محمد،2000، 229-230)
· عدوان مباشر: یقال للعدوان إنه مباشر إذا وجهه الطفل مباشرة إلى الشخص مصدر الإحباط وذلک باستخدام القوة الجسمیة أو التعبیرات اللفظیة وغیرها.
· عدوان غیر مباشر: ربما یفشل الطفل فی توجیه العدوان مباشرة إلى مصدره الأصلی خوفاً من العقاب أو نتیجة الإحساس بعدم الندیّة، فیحوله إلى شخص آخر أو شیء آخر «صدیق، خادم، ممتلکات» تربطه صلة بالمصدر الأصلی، أی ما یعرف بکبش الفداء.
· عدوان نحو الذات:إن العدوانیة عند بعض الأطفال المضطربین سلوکیاً قد توجه نحو الذات، وتهدف إلى إیذاء النفس وإیقاع الأذى بها.
عدوان عشوائی: قد یکون السلوک العدوانی أهوجاً وطائشاً، ذا دوافع غامضة غیر مفهومة وأهدافه مشوشة وغیر واضحة، وتصدر من الطفل نتیجة عدم شعوره بالخجل والإحساس بالذنب الذی ینطوی على أعراض سیکوباتیة فی شخصیة الطفل.
وتری الباحثة مما أوردته من مظاهر وأشکال للسلوک العدوانی أن هذه المظاهر تتبلور فی أی استجابة سلوکیة عنیفة تصدر من الطفل بغرض الانتقام من أحد ما أو إحراجه سواء کان سلوکا لفظیا أو جسدیا أو تعبیریا یلحق ضررا معنویا أو مادیا بالذات أو بالآخرین أو بالممتلکات العامة والخاصة, بطریقة مباشرة أو غیر مباشرة, وذلک نتیجة وقوع هذا الطفل تحت تأثیر الغضب أو الإحباط أو عدم شعورة بالذنب, أو نتیجة عوامل وخبرات عدائیة سابقة مع الشخص الموجه له العدوان أو نتیجة لظروف ومشکلات بیئیة یعانی منها الطفل أو حتی بصورة عشوائیة هوجاء.
تعددت النظریات المفسرة للسلوک العدوانی نتیجة لتعدد أشکال العدوان ودوافعه، وکذلک نتیجة اختلاف رواد وعلماء علم النفس والاجتماع فی نظرتهم للسلوک العدوانی وتفسیرهم لدوافعه, فمنهم من اعتبره نتیجة لعوامل داخلیة غریزیة أو فسیولوجیة ومنهم من اعتبره نتیجة لدوافع نفسیة, ومنهم من رأی أن أسبابة خارجیة من البیئة التی یعیش فیها الإنسان . وفیما یلی سنعرض بعض النظریات المفسرة للسلوک العدوانی :
1- النظریة البیولوجیة :
یعد العالم الإیطالی " لومبروزو" من أشهر المنظرین لهذه النظریة, حیث تنظر إلى الإنسان على أنه عدوانی بطبیعته, وأن العدوان محصلة للخصائص البیولوجیة للإنسان, وقد أشارت بعض نتائج الدراسات إلى وجود علاقة بین العدوان من جهة واضطرابات الجهاز العصبی ومستوی النشاط الکهربائی فیه والکروموسومات من جهة أخرى.(تهانی الصالح,2012 ، 31)
وتهتم هذه النظریة بالعوامل البیولوجیة فی الکائن الحی کالصبغیات والجینات الجنسیة والهرمونات والجهاز العصبی المرکزی واللا مرکزی والغدد الصماء والتأثیرات البیوکیمیائیة والأنشطة الکهربائیة فی المخ التی تساهم على ظهور السلوک العدوانی
2- نظریة التحلیل النفسی:
ومن أهم روادها سغیموند فروید, ومیلانی کلاین, ویفسر أصحاب هذه النظریة العدوان على أساس الغریزة, فاستعداد الإنسان للغضب کما یقولون فطری الأصل, والنزع إلى الغضب والمقاتلة لیس أمرا یغرس أو ینزع وإنما هو شئ ناشئ عن مصدر ثابت للطاقة لا یمکن القضاء علیه (أحمد دحلان, 2003, 54).
ونجد أن أصحاب نظریة التحلیل النفسی ینظرون للعدوان على أنه غریزة داخلیة للإنسان تلح علیه لتدفعه نحو تدمیر نفسة أو الآخرین بدافع الکراهیة والغضب والرغبة فی المقاتلة, أی أن السلوک العدوانی هو نتیجة لدوافع ورغبات داخلیة فقط, ومن الصعب من وجهة نظر الباحثة قبول هذا الاتجاه فی تفسیر السلوک العدوانی, مثلما هو من الصعب عزل تأثیر البیئة الخارجیة على الإنسان التی یعیش فیها, کما أن الرغبات الداخلیة هی محصلة لعوامل أخرى منها العوامل البیئیة.
3- نظریة العدوان الناتج عن الإحباط (عدوان الإحباط):
من أشهر علماء هذه النظریة نیل میللر، روبرت سیزر، جون دولارد وغیرهم وینصب اهتمام هؤلاء العلماء على الجوانب الاجتماعیة للسلوک الإنسانی، وتفترض هذه النظریة أن السلوک العدوانی هو دائماً نتیجة للإحباط, وان الإحباط دائماً یؤدی إلى شکل من أشکال العدوان أی أن العدوان نتیجة طبیعیة وحتمیة للإحباط وفی أی وقت یحدث عمل عدوانی یفترض أن یکون الإحباط هو الذی حرض علیه.(جنار عبد القادر,2012, 21)
کما تؤکد هذه النظریة على أن العدوان دافع غریزی داخلی لکن لا یتحرک بواسطة الغریزة کما بینت نظریة الغرائز، بل نتیجة تأثیر عوامل خارجیة تؤدی للإحباط .
4- النظریة السلوکیة:
من رواد هذه النظریة بافلوف وسکنر وواطسون الذین بنوا نظریتهم على افتراض أن معظم السلوک مکتسب متعلم, وبالتالی فإن الفرد یتعلم العدوان من البیئة التی یعیش فیها من خلال مشاهدة النموذج الذی یتمثل بالوالدین أو المربیة, أو شخصیة أخرى.
وتعتمد هذه النظریة على التطبیق المنظم لمبادئ وقوانین التعلم, وعلی تقدیم الأدلة التجریبیة, وهی أقل اهتماما بمصادر التحریض أو الباعث على السلوک, ولقد أکد "واطسون" بأن السلوک الشاذ – ومنه السلوک العدوانی - سلوک مکتسب, یتعلمه الفرد وفق مبادئ الأشراط الکلاسیکی. (تهانی الصالح, 2012، 32).
وتؤید الباحثة المذهب الذی ذهبه أصحاب هذه النظریة غیر أنها أغفلت تماما تأثیرالعوامل البیولوجیة فی حدوث العدوان .
5- نظریة السمات :
یری أنصار نظریة السمات أن السلوک العدوانی سمة من سمات الشخصیة, وهو یختلف من شخص لآخر ؛ فهو یوجد عند معظم الناس بدرجة متوسطة وعند قلة من الناس بدرجة منخفضة وفی قلة أخرى بدرجة عالیة.
ویعد "إیزینک من أکبر دعاة هذا الاتجاه, حیث یؤکد أنه یوجد ما یسمی بالشخصیة العدوانیة, ولا یرفض دور العوامل البیئیة ولکنه یحاول تفسیر اختلاف الأطفال فی بیئة غیر سویة حیث یصبح بعضهم عدوانیین وبعضهم غیر عدوانیین, وهو یرجع ذلک إلى وجود اختلافات فی الأجهزة العصبیة للأطفال ومن ثم اختلاف فی الشخصیات. (محمد المطاوع, 2008, 64).
وتقترب هذه النظریة من النظریة البیولوجیة إلا أنها تختلف عنها فی اعترافها بتأثیر البیئة الخارجیة فی السلوک العدوانی, لذلک فهی تعد تطویرا لها .
المحور الثالث : أهم العوامل البیئیة والإجتماعیة المؤثرة فى السلوک العدوانى لدى طلاب المرحلة الثانویة .
هناک عدة عوامل إجتماعیة وبیئیة تؤثر فى السلوک العدوانى لدى طلاب المرحلة الثانویة , وهذه العوامل هى :
أ- العوامل الاجتماعیة للسلوک العدوانی:
تنقسم العوامل الاجتماعیة للسلوک العدوانی إلى خمسة عوامل إجتماعیة تؤثر أو تساعد على السلوک العدوانى هى :
1- أسباب راجعه للأسرة
- أسلوب التربیة للأطفال الذین یتسم سلوکهم بالعدوانیة یتمیز بالقسوة والشدة المتناهیة والمعارضة لرغباتهم بالمنع والقهر والإجبار وتحمیلهم من المسؤولیات أکثر مما یحتملون (وفیق صفوت مختار، 1999، 69).
- تشجیع الآباء لأبنائهم على المشاجرة مع الآخرین وعلی الانتقام ممن یعتدی علیهم وعلی الحصول على مطالبهم بالقوة والعنف.
- الحیاة المنزلیة التی یسودها شیء دائم من العنف بین الأبوین على مرأی ومسمع من الطفل تلعب دوراً کبیراً فی اکتساب الطفل السلوک العدوانی من خلال محاکاة أو تقلید الأبناء للاستجابات العدوانیة التی تصدر عن الآباء.
- شعور الطفل منذ صغره بأنه غیر مرغوب فیه من والدیه، وانه یعیش فی جوز أسری عدائی بالنسبة لمعاملة والدیه له (جنار عبد القادر, 2012، 25).
- إهمال الأبوین لأبنائهم والتشدد الزائد فی التعامل معهم ومعارضة رغباتهم باستمرار یجعل الأطفال یمیلون للسلوک العدوانی.
2- أسباب راجعة للمدرسة:
- قلة العدل فی معاملة الطالب فی المدرسة.
- عدم الدقة فی توزیع الطلاب على الصفوف حسب الفروق الفردیة وحسب سلوکیاتهم (یمکن أن یجتمع أکثر من مشاکس فی صف واحد).
- فشل الطالب فی حیاته المدرسیة وخاصة تکرار الرسوب.
- عدم تقدیم الخدمات الإرشادیة لحل مشاکل الطالب الاجتماعیة.
- عدم وجود برنامج لقضاء الفراغ وامتصاص السلوک العدوانی.
- ضعف شخصیة بعض المدرسین. وتأکد الطالب من عدم عقابه من قبل أی فرد فی المدرسة أو العقاب الجسدی للطلاب من قبل المدرسین
- عدم الاهتمام بمشاکل الطالب والجهل بوسائل معالجته
3- أسباب راجعة للمجتمع نفسه:
- الحرمان الاجتماعی والقهر النفسی الذی یواجهه الطفل من أفراد المجتمع.
- تشجیع بعض المجتمعات لأفرادها على التوجه نحو العدوان بسبب ثقافة هذه المجتمعات مثل سکان العشوائیات – سکان دولة إسرائیل.
- فشل الطفل فی تکوین صداقات وعلاقات اجتماعیة ناجحة.
- ثقافة المجتمع التی قد تنظر للعدوان على أنه بطولة أو سلوک جید.
- اتساع الفجوة بین الطبقات الاجتماعیة.
4- أسباب راجعه لوسائل الإعلام:
- مشاهدة العنف المتلفز زادت من نزعة العنف عند الأطفال وساهمت على إخراجها والتعبیر عنها.
- الأطفال الذین یشاهدون البرامج التلیفزیونیة العنیفة یکتسبون سلوک مضطرب یؤثر فی شخصیاتهم، وتستمر هذه النتائج لعدة أشهر.
- الأطفال یتأثرون بما یشاهدون ویسمعون من وسائل الإعلام المختلفة ویکتسبون السلوک العنیف بشکل أسرع للممارسة فی ضوء غیاب الراشدین لتفسیر وتوضیح ما یتم عرضه. (أمل الفریح, 2007، 32).
- المشاهدة المستمرة للعنف والقسوة فی وسائل الإعلام تؤدی على المدی الطویل إلى تبلد الإحساس والمشاعر.
- العاب الکمبیوتر والألعاب الالکترونیة التی تتطلب مشارکه وتفاعل من الطفل وتقمص دور المعتدی والانغماس والعزلة خلال اللعب تعد من أکثر الوسائل دفعا للطفل نحو السلوک العدوانی.
ب- الأسباب البیئیة للسلوک العدوانی:
هناک عدة عوامل بیئیة تؤثر فى السلوک العدوانى لدى الطلاب أو بالأحرى فإنها تزید من المیل للسلوک العدوانى ، ومن هذه العوامل :
1- انتشار مشکلة التکدس السکانی یزید من التوتر النفسی لدى الأطفال مما یزید من استعدادهم للعنف والعدوان.
2- الانفجار السکانی یؤدی إلى استنزاف الموارد الطبیعیة ومحدودیة فرص حصول الطفل على احتیاجاته مما یجعله یمیل إلى العنف لتحقیق أهدافة.
3- قد تؤدی ارتفاع درجة الحرارة بسبب الاحتباس الحراری وثقب الأوزون إلى وجود حاله من النفور والضیق لدى الأطفال مما یعزز من فرص السلوک العدوانی
4- لقد أثبت "جاسبرینى" وجود علاقة طردیة بین الازدحام, وعصبیة الأطفال. وهناک أدلة بحثیة عدیدة, تظهر العلاقة بین الازدحام, ومجموعة من التغیرات النفسیة. مثل التفکیر فی الانتحار والعدوانیة والاکتئاب والقلق وعصبیة الأطفال (محمد الشرنوبى, 1991، 217)
5- تؤثر الضوضاء فی السلوک الاجتماعی للفرد حیث تزید الضوضاء من مشاعر العدوان وتجعل السلوک العدوانی أکثر احتمالاً کما تقلل من سلوک المساعدة هذا بالإضافة إلى أن التعرض للضجة العالیة مدة طویلة ینتج عنه فقدان السمع کما أن ارتفاع درجة الحرارة متغیر یستثیر الناس ویؤدی إلى زیادة المشاعر العدوانیة والسلوک العدوانی. (جابر عبد الحمید، 2000، 515 )
6- إستنزاف الموارد الطبیعیة مع إهمال الدولة لتنمیتها یزید من التنافسیة بین أفراد المجتمع وبالتالى یزید من المیل للعنف للحصول على إحتیاجات الأفراد الأساسیة من مأکل وملبس ومشرب ومسکن .
- فالعدوان قد یکون نتیجة لبعض المشکلات البیئیة المحیطة بالطفل مثل الازدحام والتکدس السکانی, والتلوث, والضوضاء, وارتفاع درجة الحرارة وغیر ذلک من المشکلات التی تثیر نزعة السلوک العدوانی لدیة, کما أن هناک العدید من العوامل الاجتماعیة تعد دافعا لسلوک الطفل نحو العنف فمثلا معظم الأطفال الذین یأتون من أسر تستخدم العقاب وتسودها الخلافات الزوجیة الکبیرة یکتسبون صفات عدوانیة ویمارسون سلوکاً عدوانیاً.
نتائج البحث :
فیما یلی تقدم الباحثة ملخصاً لأهم النتائج التی توصلت لها الدراسة فی جانبها المیدانی والتی من أهمها:
جاءت العلاقة بین العوامل البیئیة والسلوک العدوانی لدى طلاب الصف الأول الثانوی فی أغلب المحاور ضعیفة لکنها جاءت متوسطة بالنسبة لمحاور مشکلات التلوث البیئی.
احتل محور مشکلة التلوث الضوضائی المرتبة الأولی من حیث علاقتها بالسلوک العدوانی لدى طلاب الصف الأول الثانوی.
وقوع محور مشکلات التوافق الاجتماعی فی المرتبة الأخیرة من حیث علاقتها بالسلوک العدوانی لدى طلاب الصف الأول الثانوی.
وجود فروق دالة إحصائیا – وفقا لمتغیر الجنس- بین أفراد العینة حول علاقة العوامل البیئیة بالسلوک العدوانی لدى طلاب الصف الأول الثانوی وذلک لصالح الذکور على مستوى المقیاس ککل.
وجود فروق دالة إحصائیا – وفقا لمتغیر الجنس- بین أفراد العینة حول علاقة العوامل البیئیة بالسلوک العدوانی لدى طلاب الصف الأول الثانوی وذلک لصالح الذکور على مستوى على مستوى المحاور الثانی والثالث والخامس والثامن والتاسع.
مقترحات الدراسة:
إن الغایة والهدف الأساسی لهذه التوصیات المقترحة هو الحد من تأثیر المشکلات البیئیة على السلوک العدوانی لدى الأطفال, ولتحقیق هذه الغایة لا بد من:
تنمیة الوعی البیئی لدى الأطفال بأهمیة الحفاظ على البیئة المحیطة بنا.
العمل على إکساب الأطفال الطریقة العلمیة فی حل المشکلات کالمشکلات الأسریة والاجتماعیة والاقتصادیة وغیرها.
توعیة الآباء والأمهات بضرورة تهیئة جو مستقر وهادئ قدر الإمکان یساعد على تربیة أبنائهم بعیدا عن ضغوط الحیاة.
توعیة المجتمع بخطر المشکلات البیئیة على حیاة الإنسان وصحته الجسمیة والنفسیة.
التعریف بمخاطر تفشی ظاهرة السلوک العدوانی بین أطفالنا والعمل على إیجاد آلیة شاملة یشترک فیها جمیع عناصر المجتمع لمعالجة هذه الظاهرة.
توفیر فرص عمل, والعمل على الارتقاء بالمستوی الاقتصادی للأسر الفقیرة.
تحسین الخدمات التعلیمیة لکی تفرز أطفالا غیر عدوانیین والاهتمام بالتربیة قبل التعلیم.
العمل على وضح خطط استراتیجیة لمکافحة تلوث البیئة.
تبنی استراتیجیة عامة وواضحة للحد من استنزاف الموارد الطبیعیة.
تحسین الحیاة الحضاریة للمدن والقری والعمل على توفیر مساکن مناسبة تستوعب الزیادة السکانیة.
وللحد من تأثیر المشکلات البیئیة على السلوک العدوانی لدى الأطفال یجب ان تؤخذ هذه التوصیات فی الاعتبار وتطبق على أرض الواقع من خلال إجراءات وآلیات تضمن تحسین سلوک الأطفال العدوانیین الذین یتأثر سلوکهم بالمشکلات البیئیة.
References
1- أحمد محمد عبد الهادی دحلان، العلاقة بین مشاهدة الأطفال بعض برامج التلفاز والسلوک العدوانی لدیهم، دراسة ماجستیر، الجامعة الإسلامیة بغزة کلیة التربیة، فلسطین، 2003.
2- أمل بنت فیصل الفریح (التدخل المهنی باستخدام المدخل المعرفی السلوکی فی خدمة الفرد لتخفیض بعض مظاهر السلوک العنف لدى الأطفال) رسالة ماجستیر، جامعه الأمیرة نورة – کلیة الخدمة الاجتماعیة، السعودیة، 2007.
3- تهانی محمد عبدالقادر الصالح, (درجة مظاهر وأسباب السلوک العدوانی لدى طلبة المرحلة الأساسیة فی محافظات شمال الضفة الغربیة من وجهة نظر المعلمین), جامعة النجاح, فلسطین,2012.
4- جنار عبد القادر أحمد، علاقة العنف الأسری بالسلوک العدوانی لدى طلاب المرحلة الاعدادیة، مجلة جامعة کرکوک للدراسات الانسانیة - کلیة التربیة المجلد السابع العدد 2، العراق، 2012 .
5- رأفت محمد شناق، «سیکولوجیة الأطفال»، دار النفاس دمشق، 2000.
6- محمد بن عبد الله المطوع، العلاقة بین العنف الأسری تجاه الأبناء والسلوک العدوانی لدیهم دراسة میدانیة على عینة من طلاب المرحلة الثانویة بمدینة الریاض) مجلة العلوم الاجتماعیة، مجلد 36، عدد1، الکویت: مجلس النشر العلمی بجامعة الکویت، 2008.
7- محمد عبد الرحمن الشرنوبى, (الإنسان والبیئة) جامعة الکویت, 1981
8- وفیق صفوت مختار: مشکلات الأطفال السلوکیة، الأسباب طرق العلاج، دار العلم والثقافة، القاهرة، 1990.
9- Bandura, A. (1973). Aggression: A social learning analysis. N.J. Englewood Cliffs, Prentcie- Hall